"ينعاد علينا" مسرحية غنائية تعرض على مسرح مونو، كتابة وتمثيل وإخراج سامر حنا، تمثيل ماغي بدوي وهاكوب ديرغوغسيان، جوليان شعيا، ماريا بشارة، ليال غصين وجو رميا. القصة تدور حول عائلة مؤلفة من الوالدين تريز وسمير وأولادهما طارق وريما ومارينا، يجتمعون في بيت الجبل للإحتفال بعيد ميلاد إبنهم الوحيد. الأم تريز حريصة على صورة العائلة، وتستعين بالقديسين لمساعدتها على مواجهة مشاكلها العائلية، وتخفي عن أولادها خبر إنفصالها عن زوجها سمير.
وتبدأ المفاجآت والأجواء الكوميدية، بعد كشف بعض الحقائق من خلال حوارات طريفة. عمل كوميدي غنائي عفوي ممتع، يتميز بموهبة الممثلين، وبراعتهم في الرقص.
الكاتب والمخرج والممثل سامر حنا، فنان شاب موهوب وخلاق، في التاسعة والعشرين من عمره، متمسك ببلده بعد أن غادر معظم أفراد عائلته لبنان، ويطمح إلى تقديم عملين في السنة. يستحق التقدير، فهو يؤمن بأن المسرح مهنته، ومسرحية "ينعاد علينا" هي المسرحية الغنائية الثالثة التي يقدمها في ظروف إقتصادية خانقة، بالتعاون مع فريق رائع ومتعاون، لاسيما أن المسرح الغنائي يتطلب مجهوداً مضاعفاً للتحضير.
أما الممثلة المبدعة والمخضرمة ماغي بدوي، التي شاركت بعدة أعمال في العصر الذهبي مع الأخوين رحباني وروميو لحود ويعقوب الشدراوي وغيرهم، فقد ظهرت بأبهى صورة على المسرح، بعفويتها وديناميكيتها وموهبتها.
موقع "الفن" إلتقى المخرج سامر حنا والممثلة ماغي بدوي، وكان لنا هذان الحواران.
سامر حنا
أنت الكاتب والمخرج وشاركت بالتمثيل والرقص، كيف تمكنت من القيام بكل هذه المهام؟
من المهام الأربع، أنجزت المهمة الأولى وهي الكتابة. صحيح أن المسؤوليات الملقاة على عاتقي كثيرة، لكنني تمكنت من تحملها، بفضل الفريق الرائع الذي أتعاون معه، لاسيما روماريو عقيقي المساعد الإداري الذي أعتمد عليه بشكل كبير عندما أكون على خشبة المسرح، وليس بإمكاني رؤية المشهد، فيحلّ مكاني، ويساعدني لأصل الى الرؤية الخاصة. كذلك شربل أبي نادر الذي حضّر الملابس والديكور، وهو موضع ثقة، مع العلم أنه يعمل مع LBC في تركيا، وقد أنجز عمله للمسرحية، من خلال التنسيق مع مساعدته، إلى جانب الممثلين الرائعين والموهوبين، ويمكن القول إن التجربة كانت رائعة. وهناك عامل آخر إيجابي، هو أن المشاهد التي أظهر فيها على الخشبة محدودة.
بعد عمليك السابقين "هلع" و"ياما ميا"، هل يمكن أن تحضّر عملاً بعيداً عن المسرح الغنائي؟
شاركت كممثل بعدة مسرحيات بعيدة عن المسرح الغنائي، لكنني شخصياً أجد متعة كبيرة في المسرح الغنائي، لأن قدرة التعبير عن المشاعر بجميع أنواعها تتم من خلال الغناء. وأنا أحب هذا النوع من المسرح، وله جمهوره، وهذا ما يساعدني ليحضر الناس أعمالي. لا أعتقد أنني سأبتعد عن هذا النوع من الأعمال، وأنا أحب أن أتحدى نفسي، وقد أتطور في إدخال الأغاني الحية على المسرح، أو الآلات الموسيقية، وأرفع مستوى المسرح الغنائي بعد أن إحترفته.
قلت سابقاً إنك متعلق بالوطن، ولا ترغب بالهجرة، هل ما زلت على قرارك؟
نعم قلت هذا سابقاً، لكن ما تبدل منذ سنة ونصف السنة، هو أن معظم أفراد عائلتي غادروا، كذلك شقيقي وأصدقائي، وأنا الوحيد الذي يهتم بجدتي وجدي، لأن أبناء عمي وعمتي قد سافروا، لكني لا أتخيل أني قادر على أغادر لبنان، بالرغم من قبولي في عدة جامعات في الخارج، لأن لبنان بلدي، وأحب أن أقدم فيه أعمالاً مسرحية، وأن أمثل في التلفزيون والسينما. أحب الغنى الثقافي في لبنان، الذي يمنحني مادة، على سبيل المثال مسرحية "هلع"، لم يكن بإمكاني تقديمها في الخارج، لأن الثقافة مختلفة، كذلك الأمر بالنسبة لمسرحية "ينعاد علينا"، والناس يحبون كتاباتي، وأنا أكتب ما أعرفه، ولا أعتقد أنني سأكون قادراً على الكتابة في بلد لست مطلعاً على ثقافته.
كيف بدأ شغفك بالمسرح؟
المسرح قد يكون بالنسبة للعديد من الممثلين هواية، لكن الأمر لا ينطبق عليّ، مع إحترامي لهم. لم يوافق والديّ على دراستي المسرح، فدرست إدارة الأعمال، وبعدها كنت أبحث عن عمل في المصارف، وواجهت صراعاً داخلياً: هل فعلاً العمل في المصرف هو ما أريده؟ البقاء وراء مكتب من الصباح حتى الخامسة بعد الظهر؟ إلى أن إتخذت قراراً بالإلتحاق بالجامعة اللبنانية لدراسة المسرح، ونجحت في إمتحان الدخول بالمرتبة الأولى، واعتبره ذلك إشارة إلى المضي بقراري الدخول إلى عالم المسرح. المسرح ليس هواية أبداً، هو عمل وشغف وتضحيات، كل مرة أحضّر فيها مسرحية غنائية، أخسر 6 كلغ من وزني، بسبب الضغوطات والجهد والتوتر، والمشاكل التي نواجهها في لبنان، لاسيما أن لا وجود لنقابة تدعم المسرح، والجهود هي فردية. نوع المسرح الذي أقدمه مضنٍ ومتعدد الفقرات، ويتطلب جهوداً كبيرة، منها الإخراج والموسيقى وتسجيل وكتابة الأغاني، وأشكر الله على تعاون جوانا طوبيا التي تحضّر الأغاني، كما أن شربل أبي نادر يحضر الديكور، وآمل أن أتمكن من تقديم عملين في سنة واحدة.
ماغي بدوي
مسرحية "ينعاد علينا" عدا أستاذ هاكوب، يشارك فيها ممثلون من الجيل الجديد، كيف تصفين التواصل معهم؟
التواصل كان جيداً جداً، والكيمياء كانت إيجابية، وأنا أتواصل مع الجيل الجديد من خلال التعليم، وأعتقد أن هناك استمرارية، والجيل القديم يعطي الشعلة للجيل الجديد، ومع موهبتهم ونشاطهم يكملون المسيرة الفنية، للوصول إلى الجيل اللاحق. أنا درست البيولوجيا، وعلّمت في الجامعة وفي الليسيه، وطُلب مني أن أعطي دروساً في المسرح والرقص الكلاسيكي، لذا أنا في مواكبة دائمة للجيل الجديد، وكنت مع فريق عمل المسرحية مستمعة جيدة، وقدمت لهم النصائح، وتعلمت منهم، ومن نشاطهم. جميع أفراد فريق العمل رائعون، ويسعون إلى نفس الأهداف، ويعملون لإبراز موهبتهم وفنهم الرفيع، وقد فاجأتني قدرتهم على العطاء، ولم أتردد بالإستماع إلى آرائهم، وهم بدورهم أحبوني واستوعبوني، ولم يشكل فارق العمر بيننا حاجزاً، وعلاقتنا كانت سلسة، والتعاون معهم هو خبرة أعتز بها، وهي مشابهة لتجربتي مع أولادي، الذين دخلوا المجال الفني، دانيال موسيقي ودرس المسرح، وجاد عازف إيقاع.
كيف تقيّمين عملكِ مع المخرج سامر حنا؟
سامر شاب خاض عدة تجارب في المسرح الغنائي، وهو ناضج، ويشق طريقه بعزم، وأخذت بعين الإعتبار رؤيته لشخصية تريز الأم، التي قد تشبه والدته، وهو بدوره تقبّل أفكاري، وكانت ثقته بي عمياء، وأعطاني كامل الحرية، وكان يرحّب بكل الإقتراحات. سامر وثق بأدائي وغنائي ورقصي، كوني أملك خبرة في المسرح والرقص منذ أيام الدراسة، كل هذه العوامل ساهمت في التعاون بيننا، ومع أعضاء الفرقة الذين يتحلون بالبساطة والفرح.
أعمالكِ كثيرة أيام العصر الذهبي للمسرح، ماذا تستذكرين منها؟
شاركت مع الأخوين رحباني في مسرحية "المؤامرة مستمرة"، ومع الأستاذ منصور الرحباني في مسرحية "الوصية"، ومع الأستاذ روميو لحود في عدة أعمال منها "ياسمين" و "بنت الجبل"، وشاركت بأعمال مسرحية مع الأستاذ يعقوب الشدراوي، منها "حياة ميخائيل نعيمة"، ومع الأستاذ جلال خوري في "حياة جبران خليل جبران"، ومع الأستاذ ناجي معلوف في "كذلك على الأرض"، ومع الأستاذ أنطوان غندور في "العبقري والكلب" و"سهرة شرعية"، ومع الأستاذ نبيه أبو الحسن في "أخوت حتى الحرية"، ومع الأستاذ أنطوان كرباج في "حرامي أولاد زغار" و"أمرك سيدنا" و"داب التلج"، مع الأستاذة إيفيت سرسق، و"غني لي شوي شوي" مع الأستاذ كريم أبو شقرا. وقدمت برامج عن المرأة والعائلة عبر إذاعة صوت لبنان، كذلك قدمت برامج توعوية عبر إذاعة لبنان وإذاعة لبنان الحر.
شاركتِ في مسلسلَي "أدهم بيك" و"الكاتب"، كيف تصفين مشاركتكِ في هذين العملين؟
كانت مشاركتان مختلفتين عن المسرح، ومع مخرجين ممتازين، والتعاون كان جيداً، لكني أعشق العمل على خشبة المسرح، حيث أشعر بجسدي وصوتي، وأحب التفاعل مع الجمهور. بالنسبة للتلفزيون، هو يمنح الشهرة، وهذا لا يعنيني كثيراً، والعمل في التلفزيون خلف الكاميرا بارد جداً ومرهق، وأشعر أنني لم أنسجم معه. أنا أمرأة ملتزمة تجاه عائلتي، ولا أتردد في مساعدة أو مرافقة أي فرد منهم في ظروف حياته، وأحب أن أطبخ، وأن أستقبل الناس في بيتي، والإستماع إلى الموسيقى، لذا أفضل بساطة المسرح، وأن أكون على الخشبة بكامل أحاسيسي، بجسدي وعقلي ووجهي، وكلها عناصر أساسية بالنسبة لي.